فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ أَخَذَ ثَمَنَ الْخَمْرِ فِي الْجِزْيَةِ وَالتِّجَارَةِ، فَقَالَ: وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا وَخُذُوا مِنْهُمْ عُشْرَ أَثْمَانِهَا؛ وَالْحَاسِمُ لِدَاءِ الشَّكِّ وَالْخِلَافِ اتِّفَاقُ الْأَئِمَّةِ عَلَى جَوَازِ التِّجَارَةِ مَعَ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَقَدْ سَافَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَيْهِمْ تَاجِرًا، وَهِيَ:
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَذَلِكَ مِنْ سَفَرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرٌ قَاطِعٌ عَلَى جَوَازِ السَّفَرِ إلَيْهِمْ وَالتِّجَارَةِ مَعَهُمْ.
فَإِنْ قِيلَ: كَانَ ذَلِكَ قَبْل النُّبُوَّةِ.
قُلْنَا: إنَّهُ لَمْ يَتَدَنَّسْ قَبْل النُّبُوَّة بِحَرَامٍ، ثَبَتَ ذَلِكَ تَوَاتُرًا، وَلَا اعْتَذَرَ عَنْهُ إذْ بُعِثَ، وَلَا مَنَعَ مِنْهُ إذْ نُبِّئَ، وَلَا قَطَعَهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي حَيَاتِهِ وَلَا أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ وَفَاتِهِ؛ فَقَدْ كَانُوا يُسَافِرُونَ فِي فَكِّ الْأَسْرَى، وَذَلِكَ وَاجِبٌ؛ وَفِي الصُّلْحِ كَمَا أَرْسَلَ عُثْمَانَ وَغَيْرَهُ، وَقَدْ يَجِبُ وَقَدْ يَكُون نَدْبًا، فَأَمَّا السَّفَرُ إلَيْهِمْ لِمُجَرَّدِ التِّجَارَةِ فَذَلِكَ مُبَاحٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا قُلْتُمْ إنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، كَيْف يَجُوزُ مُبَايَعَتُهُمْ بِمُحَرَّمٍ عَلَيْهِمْ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ؟ قُلْنَا: سَامَحَ الشَّرْعُ فِي مُعَامَلَتِهِمْ وَفِي طَعَامِهِمْ رِفْقًا بِنَا، وَشَدَّدَ عَلَيْهِمْ فِي الْمُخَاطَبَةِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِمْ، فَإِنَّهُ مَا جَعَلَ عَلَيْنَا فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ إلَّا وَنَفَاهُ، وَلَا كَانَتْ فِي الْعُقُوبَةِ شِدَّةٌ إلَّا وَأَثْبَتَهَا عَلَيْهِمْ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: مَعَ أَنَّ اللَّهَ شَرَعَ لَهُمْ الشَّرْعَ، وَبَيَّنَ لَهُمْ الْأَحْكَامَ فَقَدْ بَدَّلُوا وَابْتَدَعُوا رَهْبَانِيَّةً الْتَزَمُوهَا، فَأَجْرَى الشَّرْعُ الْأَحْكَامَ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ فِي بَيْعٍ وَطَعَامٍ حَتَّى فِي اعْتِقَادِهِمْ فِي أَوْلَادِهِمْ وَبَنَاتِهِمْ، سَوَاءٌ تَصَرَّفُوا فِي ذَلِكَ بِشِرْعَتِهِمْ أَوْ بِعَصَبِيَّتِهِمْ، حَتَّى قَالَ مَالِكٌ؛ وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ فِي الصُّلْحِ أَبْنَاؤُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ إذَا كَانَ الصُّلْحُ لِلْعَامَيْنِ وَنَحْوَهُمَا؟ لِأَنَّهُمَا مُهَادَنَةٌ، وَلَوْ كَانَ دَائِمًا أَوْ لِمُدَّةٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّهُ يَكُونُ لَهُمْ مِنْ الصُّلْحِ مِثْلُ مَا لِآبَائِهِمْ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ فَرَاعَى مَالِكٌ اعْتِقَادَهُمْ فِي الْأَوْلَادِ وَالنِّسَاءِ، كَمَا رَاعَى اعْتِقَادَهُمْ فِي الطَّعَامِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ شَرْطًا مَعَ بَطَارِقَتِهِمْ يَعْنِي بِاتِّفَاقٍ مِنْهُمْ جَازَ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: فَإِنْ عَامَلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا بِرِبًا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ أَصْحَابِنَا.
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ، وَتَعَلَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ بِأَنَّ مَالَهُ حَلَالٌ فَبِأَيِّ وَجْهٍ أُخِذَ جَازَ.
قُلْنَا: إنَّ مَا يَجُوزُ أَخْذُهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ فِي الشَّرْعِ مِنْ غَلَّةٍ وَسَرِقَةٍ فِي سَرِيَّةٍ، فَأَمَّا إذَا أَعْطَى مِنْ نَفْسِهِ الْأَمَانَ وَدَخَلَ دَارَهُمْ فَقَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَفِيَ بِأَلَّا يَخُونَ عَهْدَهُمْ، وَلَا يَتَعَرَّضَ لِمَالِهِمْ، وَلَا شَيْءَ مِنْ أَمْرِهِمْ؛ فَإِنْ جَوَّزَ الْقَوْمُ الرِّبَا فَالشَّرْعُ لَا يُجَوِّزُهُ.
فَإِنْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّهُمْ لَا يُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ فَالْمُسْلِمُ مُخَاطَبٌ بِهَا.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: تَوَهَّمَ قَوْمٌ أَنَّ ابْنَ الْمَاجِشُونِ لَمَّا قَالَ: إنَّ مَنْ زَنَا فِي دَارِ الْحَرْبِ بِحَرْبِيَّةٍ لَمْ يَحُدَّ أَنَّ ذَلِكَ حَلَالٌ.
وَهُوَ جَهْلٌ بِأُصُولِ الشَّرِيعَةِ.
وَمَأْخَذِ الْأَدِلَّةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}؛ فَلَا يُبَاحُ الْوَطْءُ إلَّا بِهَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، وَلَكِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَرَى أَنَّ دَارَ الْحَرْبِ لَا حَدَّ فِيهَا، نَازَعَ بِذَلِكَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مَعَهُ؛ فَأَمَّا التَّحْرِيمُ فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَلَا تستنزلنكم الْغَفْلَةُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
{وَأَخْذِهِمُ الربا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ} في التوراة.
والجملةُ من قوله تعالى: {وَقَدْ نُهُواْ عَنْه}: في محلِّ نصب؛ لأنها حاليةٌ، ونظيرُ ذلك في إعادة الحرفِ وعدمِ إعادته ما تقدَّم في قوله: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مَّيثَاقَهُمْ} [الآية 155] الآية.
وبِالبَاطِلِ يجوز أن يتعلق بأكْلِهِم على أنها سببيةٌ أو بمحذوفٍ على أنها حال من همْ في أكْلِهِمْ، أي: ملتبسين بالباطل. اهـ. باختصار.

.تفسير الآية رقم (162):

قوله تعالى: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا (162)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما بين تعالى ما للمطبوع على قلوبهم الغريقين في الكفر من العقاب، بين ما لنّيري البصائر بالرسوخ في العلم والإيمان من الثواب فقال: {لكن الراسخون في العلم منهم} أي الذي هيئت قلوبهم في أصل الخلقة لقبول العلم فأبعد عنها الطبع، وجلت الحكمة، ورسخت بالرحمة، فامتلأت من نور العلم، وتمكنت بأنس الإيمان.
ولما ذكر نعت العلم المفيد لجميع الفضائل أبتعه ما نشأ عنه فقال: {والمؤمنون} أي الذين هيئوا للإيمان ودخلوا فيه، فصار لهم خلقًا لازمًا، منهم ومن غيرهم {يؤمنون} أي يجددون الإيمان في كل لحظة {بما أنزل إليك} لأنهم أعرف الناس بأنه حق {وما أنزل من قبلك} أي على موسى عليه الصلاة والسلام، وبسبب إيمانهم الخالص أمنوا بما أنزل على عيسى عليه الصلاة والسلام، ثم بما أنزل إليك.
ولما كانت الصلاة أعظم دعائم الدين، ولذلك كانت ناهية عن الفحشاء والمنكر، نصبت على المدح من بين هذه المرفوعات إظهارًا لفضلها فقال تعالى: {والمقيمين الصلاة} أي بفعلها بجميع حدودها، ويجوز على بُعد أن يكون المقتضي لنصبها جعل لكن بالنسبة إليها بمعنى إلا وتضمينها لفظها، لما بينهما من التآخي، فيكون المعنى أنهم مستثنون ممن أعد لهم العذاب الأليم على معنى أن الله سبحانه وتعالى- وهو الفاعل المختار- سبق علمه بأن مقيم الصلاة بجميع حدودها لا يموت كما يموت كافر بل تناله بركتها فيسلم وهذا أعظم مدح لها والحاصل أن (لكن) استعيرت لمعنى (إلا) بجامع أن ما بعد كل منهما مخالف في الحكم لما قبله كما استعيرت إلا لمعنى لكن في الاستثناء المنقطع.
ولما كان الرجوع بما بعدها إلى الأسلوب الماضي أبين في مدحها قال: {والمؤتون الزكاة} ولما ذكر أنهم جمعوا إلى صلة الخالق الإحسان إلى الخلائق ذكر الإيمان بانيًا على عظمته مفصلًا له بعض التفصيل ومشيرًا غلأآ أن نفعه كما يشترط أن يكون فاتحًا يشترط أن يكون خاتمًا فقال: {والمؤمنون بالله} أي مستحضرين ما له من صفات الكمال، وضم إليه الحامل على كل خير والمقعد عن كل شر ترغيبًا وترهيبًا فقال: {واليوم الآخر} فصار الإيمان مذكورًا خمس مرات، فإن هذه الأوصاف لموصوف واحد عطفت بالواو تفخيمًا لها وإشارة إلى أن وصف الرسوخ في العلم مقتض لأنهم في الذروة من كل وصف منها والاتصافُ بكل منها يتضمن الإيمان بيوم الدين، فإنه لا يمدح أحد اتصف بشيء منها عريًا عن الإيمان به، لا جرم نبه على فخامة أمرهم وعلو شأنهم بأداة البعد فقال: {أولئك} أي العالو الرتبة والهمم، ولكون السياق في الراسخين العاملين أنهى في التأكيد بالسين لأن المكر هنا أقل منه في الأولى، ولم يعرف الأجر، ووصفه بالعظم فقال: {سنؤتيهم} أي بعظمتنا الباهرة بوعد لا خلف فيه {أجرًا عظيمًا}. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

اعلم أن المراد من ذلك عبد الله بن سلام وأصحابه الراسخون في العلم الثابتون فيه، وهم في الحقيقة المستدلون بأن المقلد يكون بحيث إذا شكك يشك، وأما المستدل فإنه لا يتشكك ألبتة، فالراسخون هم المستدلون والمؤمنون، يعني المؤمنين منهم أو المؤمنين من المهاجرين والأنصار وارتفع الراسخون على الابتداء و{يُؤْمِنُونَ} خبره، وأما قوله: {والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة} ففيه أقوال: الأول: روي عن عثمان وعائشة أنهما قالا: إن في المصحف لحنًا وستقيمه العرب بألسنتها.
واعلم أن هذا بعيد لأن هذا المصحف منقول بالنقل المتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف يمكن ثبوت اللحن فيه، الثاني: وهو قول البصريين: أنه نصب على المدح لبيان فضل الصلاة، قالوا إذا قلت: مررت بزيد الكريم فلك أن تجر الكريم لكونه صفة لزيد، ولك أن تنصبه على تقدير أعني، وإن شئت رفعت على تقدير هو الكريم، وعلى هذا يقال: جاءني قومك المطعمين في المحل والمغيثون في الشدائد، والتقدير جاءني قومك أعني المطعمين في المحل وهم المغيثون في الشدائد فكذا هاهنا تقدير الآية: أعني المقيمين الصلاة وهم المؤتون الزكاة، طعن الكسائي في هذا القول وقال: النصب على المدح إنما يكون بعد تمام الكلام، وههنا لم يتم الكلام، لأن قوله: {لكن الراسخون في العلم} منتظر للخبر، والخبر هو قوله: {أولئك سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا}.
والجواب: لا نسلم أن الكلام لا يتم إلا عند قوله: {أولئك} لأنا بينا أن الخبر هو قوله: {يُؤْمِنُونَ} وأيضًا لم لا يجوز الاعتراض بالمدح بين الاسم والخبر؛ وما الدليل على امتناعه؟ فهذا القول هو المعتمد في هذه الآية.
والقول الثالث: وهو اختيار الكسائي، وهو أن المقيمين خفض بالعطف على (ما) في قوله: {بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ} والمعنى: والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالمقيمين الصلاة، ثم عطف على قوله: {والمؤمنون} قوله: {والمؤتون الزكاة} والمراد بالمقيمين الصلاة الأنبياء، وذلك لأنه لم يخل شرع أحد منهم من الصلاة.
قال تعالى في سورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بعد أن ذكر أعدادًا منهم: {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فعل الخيرات وإقام الصلاة} [الأنبياء: 73] وقيل: المراد بالمقيمين الصلاة الملائكة الذين وصفهم الله بأنهم الصافون وهم المسبحون وأنهم يسبِّحون الليل والنهار لا يفترون، فقوله: {يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ} يعني يؤمنون بالكتب، وقوله: {والمقيمين الصلاة} يعني يؤمنون بالرسل.
الرابع: جاء في مصحف عبد الله بن مسعود {والمقيمون الصلاة} بالواو، وهي قراءة مالك بن دينار والجحدري وعيسى الثقفي. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {لكن الراسخون فِي العلم مِنْهُمْ} استثنى مؤمني أهل الكتاب؛ وذلك أن اليهود أنكروا وقالوا: إن هذه الأشياء كانت حراما في الأصل وأنت تحلها ولم تكن حرّمت بظلمنا: فنزل {لكن الراسخون فِي العلم} والراسخ هو المبالغ في علم الكتاب الثابت فيه، والرّسوخ الثبوت؛ وقد تقدّم في آل عمران والمراد عبد الله بن سلام وكعب الأحبار ونظراؤهما.
{والمؤمنون} أي من المهاجرين والأنصار، أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
{والمقيمين الصلاة} وقرأ الحسن ومالك بن دينار وجماعة: والمقيمون على العطف، وكذا هو في حرف عبد الله، وأما حرف أبيّ فهو فيه {والمُقِيمِين} كما في المصاحف.
واختلف في نصبه على أقوال ستة؛ أصحها قول سيبويه بأنه نصِب على المدح؛ أي وأعني المقيمين؛ قال سيبويه: هذا باب ما ينتصب على التعظيم ومن ذلك {والمُقِيمِين الصَّلاَةَ} وأنشد.
وكل قومٍ أطاعوا أمر سيِدهم ** إلا نميرا أطاعت أمر غاويها

ويروى أمر مرشدهم.
الظّاعِنين ولما يُظْعِنُوا أحدًا ** والقائِلُونَ لِمَنْ دارٌ نُخَلِّيها

وأنشد:
لا يَبْعدَنْ قومي الَّذين هُمُ ** سُمُّ العُداةِ وآفَةُ الجُزْر

النّازِلِين بكُلِّ مُعْتَرَكٍ ** والطّيّبُونَ مَعَاقِدَ الأُزْرِ